اخبار 24مقالات

هجوم إدارة ترامب على منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية محاولة لطمس الحقيقة

نيويورك تايمز: بقلم أغنيس كالامار وبيريلو فردريكو – هجوم إدارة ترامب على منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية محاولة لطمس الحقيقة والتعمية على الجرائم الإسرائيلية
تساءلت مديرة منظمة أمنستي إنترناشونال، أغنيس كالامار، وبيريلو فردريكو، مدير منظمة هيومان رايتس ووتش بالوكالة، عن حقوق الإنسان الفلسطينية وأين ذهبت.
وذكّر الكاتبان في بداية مقال نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية ، بتعهد العالم بعد أهوال الحرب العالمية الثانية بأن ذلك “لن يحدث أبدا” حيث سارع قادة العالم الناشئ من ركام الحرب للتوافق على أسس لنظام العدالة الدولية القائم الآن لمعالجة أسوأ الجرائم على وجه البسيطة، وهو النظام الذي تسعى الولايات المتحدة اليوم جاهدة إلى تفكيكه.
وقالا إن إدارة ترامب فرضت في 4 أيلول/ سبتمبر عقوبات على ثلاث منظمات فلسطينية رائدة في مجال حقوق الإنسان: “مؤسسة الحق”، التي تأسست عام 1979، وهي رائدة في توثيق الانتهاكات في غزة والضفة الغربية المحتلتين؛ و”مركز الميزان لحقوق الإنسان”، الذي وثق بدقة انتهاكات قوانين الحرب في غزة لأكثر من عقدين، و”المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان” الذي لطالما قدم المساعدة القانونية للضحايا، وخاصة من غزة.
وفي حزيران/ يونيو، فرضت الإدارة الأمريكية عقوبات على منظمة رائدة أخرى وهي منظمة “الضمير” بناء على إجراءات منفصلة.
وأضاف الكاتبان أن ملاحقة منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية هي جزء من جهد أوسع نطاقا، تقوم به إدارة ترامب يستهدف من يدعمون العدالة للفلسطينيين. وكان السبب المعلن للعقوبات هو أن المجموعات الثلاث ساعدت المحكمة الجنائية الدولية في تحقيقها بشأن إسرائيل “دون موافقة إسرائيل”.
لكن الحكومة الأمريكية لاحقت أيضا مسؤولي المحكمة التي تولت تحقيقا يغطي مزاعم ارتكاب جرائم خطيرة من قبل القوات الإسرائيلية في غزة، وأصدرت أوامر اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، متهمة إياهما بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب. وفرضت الإدارة الأمريكية عقوبات على المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، ونوابه وستة من قضاة المحكمة، بالإضافة إلى فرانشيسكا ألبانيز، المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان في غزة والضفة الغربية.
وإلى جانب ما فعلت بالفلسطينيين، قوضت إدارة ترامب سيادة القانون وحماية حقوق الإنسان والعدالة الدولية، وهي كلها مبادئ جوهرية في النظام العالمي القائم على القواعد.
فقد خفضت الإدارة الأمريكية تمويل الأمم المتحدة وهددت بمزيد من التخفيضات، مع انسحابها من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. كما أوقفت الإدارة فجأة جميع المساعدات الخارجية الأمريكية تقريبا، التي دعمت المدافعين عن حقوق الإنسان، وقدمت مساعدات إنسانية منقذة للحياة في جميع أنحاء العالم. كما أدى خفض المنح من مكتب الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل التابع لوزارة الخارجية، ومكاتب اللاجئين والمرأة والعدالة العالمية، إلى مزيد من التراجع في التزام أمريكا بحقوق الإنسان.
وتعتبر “الحق” و”الميزان” و”المركز الفلسطيني” منظمات حائزة على جوائز، كشفت في ظروف بالغة الصعوبة بشأن انتهاكات حقوق الإنسان والقانون البيئي من قِبل السلطات الإسرائيلية والفلسطينية والجماعات المسلحة والشركات. وتمثل هذه المنظمات صوت الضحايا الفلسطينيين، وتوسع قصص الظلم وتضخمها، التي لولاها لظلت مجهولة. وقد واصلت هذه المنظمات عملها الشجاع في غزة على مدار ما يقرب من عامين. فمقر الميزان والمركز الفلسطيني في غزة، كما يوجد لدى مؤسسة الحق، ومقرها رام الله بالضفة الغربية، موظفون هناك أيضا. وقد واجهت هذه المنظمات قصفا أسفر عن مقتل وإصابة موظفين ومئات من أقاربهم، بالإضافة إلى المجاعة والتهجير القسري. في 7 أيلول/سبتبمر، دمر القصف الإسرائيلي البرج العالي الذي يضم مقر المركز الفلسطيني. وتضررت مكاتب الميزان في جميع أنحاء غزة ودُمرت في عام 2024.
ويقول المسؤولان إن العقوبات الأمريكية لن تقضي على العمل الحيوي الذي لا يزالون قادرين على القيام به فحسب، بل سترسل أيضا إشارة مخيفة إلى المدافعين عن حقوق الإنسان الذين يورط عملهم جهات فاعلة أو حلفاءهم. وقد أعربت المنظمات الفلسطينية عن دعمها الصريح لتحقيق المحكمة الجنائية الدولية في السلوك الإسرائيلي، وقدمت مذكرات إلى المدعي العام للمحكمة. وأضحت: “لقد عملت منظماتنا، منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش، بشكل وثيق مع هذه المجموعات لعقود من الزمن، وتماشيا مع تفويضاتنا الطويلة الأمد والمستقلة للتحدث علنا من أجل حماية حقوق الإنسان، يمكننا أن نشهد بأن عملهم لا غنى عنه لمجتمع حقوق الإنسان ليس فقط في المنطقة ولكن على الصعيد الدولي”.
وقالا إن هذا العمل جزء من حركة عالمية واسعة النطاق تسعى إلى تحقيق العدالة لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان والناجين منها. ويعد نظام عدالة دولية موثوق به، يعالج جرائم الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، عنصرا أساسيا في بناء احترام حقوق الإنسان.
وأضافا أن المحكمة الجنائية الدولية تعتبر ركيزة أساسيةً لهذا النظام. وقد أُنشئت المحكمة بموجب معاهدة عام 1998، وهي تعد ملاذا أخيرا. وقد قصدت الحكومات الوفاء بوعدها الذي قطعته بعد الحرب العالمية الثانية “لن يحدث هذا أبدا” من خلال إنشاء مثل هذه المؤسسة الدائمة.
ومع ذلك فالنظام ليس مثاليا، لكن قدرته على محاسبة حتى من هم في أعلى مناصب السلطة يمكن أن يساعد في إنهاء الإنتهاكات المستمرة. هذه السلطة القانونية معرضة للخطر الآن. كما أن فرض الولايات المتحدة المزيد من العقوبات أو غيرها من الإجراءات، بما في ذلك توسيع نطاق العقوبات لتشمل المحكمة ككل، من شأنه أن يعرض حقوق الضحايا في جميع أنحاء العالم للخطر. وعليه، ينبغي على الحكومات أن تنهض بمسؤوليتها لحماية النظام الذي أنشأته.
وعندما صنفت إسرائيل منظمات حقوق إنسان فلسطينية بارزة، منها مؤسستا الضمير والحق كـ”منظمات إرهابية” عام 2021، رفضت تسع دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي هذه المزاعم واعتبرتها لا أساس لها. ولعل هذا الرفض كان سببا رئيسيا لعدم اتخاذ إسرائيل أي إجراء إضافي. وحتى الآن، وازنت الحكومات الأخرى ردود أفعالها تجاه العقوبات الأمريكية بحذر خوفا من استفزاز إدارة ترامب.
هذه استراتيجية معيبة ولا تتماشى مع الوضع الملحّ. ويتعين على الحكومات إدانة المساعي الرامية إلى تقويض استقلال المحكمة الجنائية الدولية وإسكات من يوثقون الانتهاكات. وينبغي عليها استخدام القوانين الإقليمية والوطنية، مثل قانون الاتحاد الأوروبي لعرقلة الإجراءات، الذي يمكن استخدامه لإبطال القوانين الخارجية في الاتحاد، للتخفيف من أثر العقوبات الأمريكية على العاملين مع المحكمة. ويجب على من ساهموا في إنشاء المحكمة الدولية ويدّعون التمسك بالقيم التي تقوم عليها أن يدافعوا عنها.

اقرأ ايضاَ

زر الذهاب إلى الأعلى