“أنا مش زعلان”
هلا الزهيري- 24FM
في آخرِ رسالةٍ بعثها الشهيد الأسير ناصر أبو حميد قال: أنا مش زعلان.
كأنّها إجابةٌ على سؤالٍ مليءٍ بالذّنب: زعلان منّا؟
“أنا “مش زعلان” من نهاية الطريق لأنه في نهاية الطريق أنا بودع شعب بطل عظيم، حتى ألتحق بقافلة شهداء فلسطين، وجزء كبير منهم هم رفاق دربي وأنا سعيد بلقائهم”.
مقيّداً على سرير مستشفى إسرائيلي عاش الأسير ناصر أبو حميد آخر لحظاته، لكنّ “روحه الآن حرّة طليقة” وفقاً لعائلته التي قررت عدم فتح بيت عزاء للشهيد إلى حين الإفراج عن جثمانه.
وعقب الإعلان عن استشهاده صباح اليوم الثلاثاء أصدرت عائلة أبو حميد بياناً جاء فيه “لن نتقبل العزاء بابننا الشهيد القائد إلا بعد أن يتحرر جسده الطاهر ومعه سائر جثامين الشهداء المحتجزة لدى الاحتلال، في مقابر الأرقام، وداخل ثلاجات الاحتلال”.
وكان نادي الأسير الفلسطيني أعلن أمس الاثنين أن الأسير ناصر أبو حميد دخل في غيبوبة ونقل من سجن “عيادة الرملة” إلى مستشفى “أساف هروفيه” الإسرائيليّ.
30 دقيقة!
سمحت سلطات الاحتلال الإسرائيلي لخمسة من أفراد عائلته بوداعه بعد تأكيد الأطباء أنه في وضع ميؤوس منه.
ورغم دخوله في غيبوبة؛ الزيارة تمّت تحت حراسة مشدّدة ولمدّة نصف ساعة فقط. قرأت خلالها والدته القرآن على مسامعه.
“كانت أوقات مؤلمة لنا كعائلة وحاولت والدتي احتضانه لكنه لا يستجيب لما يدور حوله.إجراءات التفتيش استمرت أكثر من ساعة وكان مستشفى أساف هروفيه أشبه بمعسكر. قال شقيقه ناجي في حديث إذاعي.
بينما لم تسمح سلطات الاحتلال لأشقائه الأربعة الأسرى بوداعه.
وكان الصليب الأحمر الدولي قد أجرى ترتيبات عاجلة لزيارة والدة الأسير ناصر أبو حميد وأشقائه له في مستشفى “أساف هروفيه”.
في أيلول الماضي؛ صرّح ناجي أبو حميد، أحد أشقاء الشهيد ناصر أن الأطباء الإسرائيليين قالوا: يجب فحص إمكانية إطلاق سراح ناصر في أيامه الأخيرة.
وأضاف باكياً: آن لهذا البطل إذا ما أريد له أن يترجل، أن يترجل على أكتافنا لا أن يوضع في الثلاجة، نحن كعائلة مطلبنا الوحيد أن يدفن بجانب شقيقه الشهيد عبد المنعم”.
في الملف الصوتيّ المرفق؛ جمعنا تصريحات ومداخلات صوتيّة بعضها كان عبر إذاعة صوت فلسطين الرسمية لناجي شقيق الشهيد ناصر أبو حميد يتحدّث فيها عن حالته الصحيّة على فترات مختلفة كما رآها خلال زيارة إلى السجن وأخرى في المستشفى وانتهاءً بمطالبة العائلة بالسماح لناصر بالموت في أحضانهم بعد إعلان الأطباء أن حالته ميؤوس منها .
من هو ناصر أبو حميد؟
ولد الشهيد ناصر أبو حميد في الخامس من أكتوبر/تشرين الأول عام 1972 في مخيم الأمعري في رام الله واعتقل أول مرة قبل انتفاضة عام 1987 وأمضى أربعة شهور في السجن.
وأُعيد اعتقاله مجدداً وحكم عليه الاحتلال بالسجن عامين ونصف العام. وعام 1990، اعتقل للمرة الثالثة وحكم عليه الاحتلال بالسجن المؤبد. أمضى من حكمه أربع سنوات ليفرج عنه مع الأسرى الذين أفرج عنهم في إطار المفاوضات، وأُعيد اعتقاله عام 1996 وأمضى ثلاث سنوات.
تعرّض خلال مطاردته لأكثر من محاولة اغتيال واعتقل في نيسان 2002 بعد مطاردته في مخيم قلنديا شمال القدس برفقة شقيقه نصر وحكم عليه بالسجن المؤبد 7 مرات و50 عاماً.
توفي والده الحاج محمد “أبو يوسف” في العام 2014 دون أن يُسمح لهم بإلقاء نظرة الوداع الأخيرة عليه.
طرأ تدهور على حالته الصحية في تموز من العام 2021، وأعلن عن إصابته بسرطان الرئة بعد ذلك بشهر.
وباستشهاد ناصر (50 عاما) تكون عائلة أبو حميد المكونة من 10 أشقاء وشقيقتين قدمت شهيدين بعد استشهاد شقيقه عبد المنعم عام 1994.
بينما تعتقل قوات الاحتلال 4 أشقاء آخرين وهم: نصر، المحكوم بخمسة مؤبدات، ومحمد، المحكوم بمؤبدين وثلاثين عاماً، وشريف، المحكوم بأربعة مؤبدات، وإسلام، المحكوم بمؤبد وثمانية أعوام.
سادس أسير مصاب بالسرطان يستشهد بسبب الإهمال الطبي خلال 10 سنوات
وباستشهاد الأسيرناصر ابو حميد يرتفع عدد شهداء الحركة الأسيرة إلى (233) شهيدًا منذ عام 1967، منهم (74) شهيدًا ارتقوا نتيجة لجريمة الإهمال الطبيّ (القتل البطيء) وكان من بينهم هذا العام بالإضافة إلى الأسير ابو حميد، الأسيرة سعدية فرج الله التي اُستشهدت كذلك جراء الإهمال الطبي المتعمد.
وبحسب هيئة الأسرى والمحررين فإن أبو حميد هو سادس أسير فلسطيني مصاب بالسرطان يموت في السجون الإسرائيلية بسبب الإهمال الطبي في السنوات العشر الماضية.
ويبلغ عدد الأسرى في سجون الاحتلال اليوم نحو 4700، من بينهم نحو (150) طفلًا، و(33) أسيرة.