لا أريد التأقلم على حياة بلا جواد وظافر
تشاركنا كل شيء؛ نحن الثلاثة نحب السهر ونستيقظ على صوت أمي الغاضبة منا ومن كسلنا.
هلا الزهيري- 24FM
تلقّت العائلة اتصال يبلّغهم بأن جواد وظافر تعرّضا لإصابات طفيفة عقب اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي قرية كفر عين شمال غرب رام الله فجر الثلاثاء 29 نوفمبر 2022.
بعد انتشار خبر عن اقتحام كفر عين التي تبعد 10 دقائق عن بيت ريما حيث تسكن عائلة رؤى خرج جواد وظافر إلى كفر عين حالهم حال باقي الشباب.
وبعد ورود خبر إصابتهما؛ توجهت رؤى برفقة والديها إلى المستشفى للاطمئنان .
“طلعنا ع أساس الإصابات طفيفة، وسألت أنا وين الإصابات حكولي بإجريهم حكيت معناها بنجوا منها، فما أخدنا إخواني الصّغار -رند ومحمد وأوس- لإنه احنا رايحين ع أساس نجيب جواد وظافر معنا مش ناخد إخواني الصغار يودعوهم، كانوا لحالهم بالبيت لما وصلهم خبر الاستشهاد وما كان اشي سهل”. تقول رؤى الريماوي شقيقة جواد وظافر في حديث لـ 24FM.
لم تكن إصابات طفيفة بل 3 رصاصات في صدر ظافر، ورصاصة دُمدم متفجّر أصابت الشريان الأورطي في منطقة الحوض واخترقت الأمعاء الدقيقة والغليظة وتسببت بنزيف حاد لدى جواد.
وفي لحظة أضطرت العائلة لاتخاذ قرار من سيبقى مع جواد الذي أدخل لإجراء عملية طارئة في مستشفى سلفيت حيث نقلا بعد الإصابة، ومن سيذهب مع ظافر إلى مستشفى رام الله لتلقي العلاج هناك، صعدت رؤى إلى سيارة الإسعاف، وظل والداها مع جواد.
“كان ظافر بوضع مستقر كنت أراقب المونيتر وعلاماته الحيوية، لمّا وصلنا المستشفى توقف قلب ظافر وعندما بدأ الأطباء محاولات إنعاشه تلقيت خبر استشهاد جواد”.
“ما أخدنا إخواني الصغار لإنه ما توقعنا ما حدا كان متوقع هيك نهائي”.
ما بدي اتأقلم على حياة جواد وظافر مش فيها!
لا شيء يهوّن وقع غياب جواد وظافر “لا الكلام ولا الدعاء” تقول رؤى؛ مضيفةّ أنّ أفراد العائلة يتعاملون مع حقيقة هذا الغياب كلٌّ على طريقته.
الزيارات المستمرة تصبّر والدي الشهيديْن، لكن اللحظة التي يخلو بها البيت من الناس يشعرون بهول المصيبة والفقد، ويعيشون حالة “بين الجبر والانكسار” تقول رؤى.
رند الشقيقة الصغرى، لا تعبر عن مشاعرها بطبيعة الحال، تكبت ولا تتحدّث.
التوأمان محمد وأوس؛ الأول يتعامل بشكل طبيعي يغني ويذهب إلى المدرسة ويعود للعب، والثاني يبدو كأنه سينفجر من القهر.
تحاول رؤى مساعدتهم على التعبير عن مشاعرهم والبكاء في حال شعروا بالحاجة إلى ذلك، يردّون هل سيعيدهم البكاء؟
ولا تملك بدورها ما تجيبهم به.
هادا مش بيتنا!
يوم واحد يغيّر حياتك للأبد؛ هذه فكرة مرعبة!
عندما تعود رؤى إلى البيت تشعر أنّها في مكان آخر.
“هادا مش بيتنا وهاي مش عيلتنا، لمّا الناس بتحكيلي كمّلي حياتك، كيف؟ هاد الوجع مش لازم نعيشه”.
“ولحالك لازم تلاقي طريقة تتأقلمي فيها مع هاي الحياة وانتي ما بدك تتأقلمي عليها، ما بدنا نتأقلم على حياة هم مش فيها. بدري.. بدري نتأقلم على حياة جواد وظافر مش فيها”.
لماذا تكتب رؤى؟
تقول رؤى إنها لا تبالغ عندما تصف شقيقيها بـ “بهجة البيت”.
“لا أقول ذلك من باب ذكر محاسن الموتى، هذا واقع، لقد كانا بهجة البيت وخسرنا بغيابهما
شخصان محبّان للحياة ومليئآن بالأحلام .
كانا يخططان للسفر إلى تركيا الشهر المقبل.
جواد كان يدرس البدء بمشروعه الخاص، وظافر كان يجيد إدارة الحسابات ويتباهى أنه سيشكل السند للعائلة و “رح يلففنا العالم”.
تقول رؤى إنها لا تعرف المنتخب الذي قد يشجعانه لو مُنحا فرصة حضور مونديال قطر كونها هي شخصياً لا تهتم بالرياضة. لكن جواد وظافر يحبان كرة القدم كثيراً ويتابعان المباريات مع أصدقائهم بالخارج دائماً.
“غرفتهم مليئة بالميداليات والكؤوس ويحبان كرة القدم كثيراً”.
لطالما سخرت رؤى من حبّهما للغناء تقول إنهما جميلان إلى حين البدء بالغناء.
لكنّها لم تتخيّل أن تأتي لحظة تتمنى فيها أن تسمعهما يغنّيان “هذه التفاصيل مؤلمة كثيراً تفاصيل اشتاق لها”.
رؤى الأخت الكبرى لا تدري كيف تتعامل مع فقدها هذا “جواد يصغرني بعام ونصف وكنّا مثل التوأم؛ تشاركنا غرفة واحدة حتى أتممت عامي الثاني عشر.
أما ظافر فيصغرني بخمس سنوات، لكنّه يملك شخصية قوية وتفكيراً يتجاوز عمره، كان يقول دائماً: انا من برّة ببيّن جامد بس أنا مش هيك”.
تشاركنا كل شيء، نحن الثلاث نحب السهر، لا نحب الاستيقاظ باكراً نستيقظ على صوت أمي الغاضبة منا ومن كسلنا”.
تقول رؤى: أكتب لأن أشقائي أُعدموا، أكتب لأننا نقتل في كل مكان حتى لو كنا داخل بيوتنا أو على أسطح منازلنا، أو حتى لو رمينا حجر.
أكتب لأنني أود أن يعرف العالم ماذا خسر عندما فقد جواد وظافر.
أكتب لأنني لا أدري ماذا أفعل الآن وكيف أكمل حياتي من دونهم.