24FM– اما وقد انتهت المهرجانات والاحتفالات التي سبقت وشهدها احياء اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني الذي يصادف في التاسع والعشرين من نوفمبر كل عام وما يصاحبها من بيانات ومواقف ونداءات تصدرها مختلف الجهات والمؤسسات المحلية والدولية وما يرافقها من خطب عصماء وكلمات تقدم توصيفات وتشخيص بليغ للواقع تطالب وتشجب وتعبر عن قلقاها العميق، وتندد وتناشد للتدخل الفوري وكل الصيغ المتواصلة منذ العام 1947 هذا اليوم الذي يتم احياءه كل عام تعبيرا عن وجود القضية الفلسطينية باعتبارها قضية العدالة الانسانية، وللتذكير بالظلم الذي وقع على الشعب الفلسطيني، والممارس عليه حتى اليوم دون ان يتغير هذا الوضع او تتحسن ظروفه بفعل استمرار الاحتلال بل على العكس بدلا من ان يجد العالم طريقه لاحقاق الحقوق الوطنية المشروعة لهذا الشعب الذي عانى وما زال شتى صنوف القهر والعذاب، والاضطهاد يمكن ان نرى في المشهد الراهن كل الابتعاد عن امكانية تحقيق اسس السلام العادل، وتبتعد شيئا فشيئا بكل اسف ايضا فرص تحقيق هذا السلام لتبدو اكثر صعوبة امكانية انهاء الاحتلال الجاثم بكل اشكاله فوق صدورنا نراه يتكرس ويمتد معه سرطان الاستيطان الاستعماري منتشرا في ارجاء الضفة الغربية والقدس ينهش يوميا ما تبقى من حل الدولتين الذي قبله الشعب الفلسطيني استجابة لواقع فرضته موازين القوى، وتخلي الاقارب عنا وسوء حالنا الذي لا يحتاج لشرح وتفصيل اكثر مما هو عليه بينما يعيش قطاع غزة وضع تراجيديا الحصار الذي لا ينتهي محولا القطاع لاكبر سجن في العالم اضافة للواقع بالغ القسوة في الداخل والوضع الذي لا يقل خطورة في الشتات والمهاجر .
في هذا اليوم العالمي الذي اقرته الجمعية العامة للامم مع قرار التقسيم 181 ربما هي مناسبة لنبش الكثير من القضايا وتسليط الضوء على واقع حالنا، واستشراف معالم الطريق بالتقييم والمراجعة الجدية واجراء الحوارات وفتح النقاش المعمق الذي نحن بحاجة اليه بدون مجاملة او مواربة لفحص الخيارات والخطوات التي قمنا بها، والاجابة على سؤال قد يبدو في غاية البساطة وهو هل يقودنا الطريق الى مبتغانا وهدفنا؟؟ هل ضللنا الطريق وتاهت بنا المسافات وقادتنا الى دوامات السراب؟ المسألة ليس لها علاقة بالتشاؤم او التفاؤل او الحالة المزاجية لكاتب هذه السطور او الجمهور او السواد الاعظم من الناس الذي بات يرى ان الامور من الاستحالة استمرارها على هذا النحو وسط التدهور اليومي والتعقيدات الحالية وصلت حالة الاستعصاء السياسي والوطني ناهيك عما يواجه من الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية لمعظم الناس ومقدرتهم على الصمود ومواجهة التحديات اليوم بات المطلوب خطوات معروفة “تنشلنا” من حالة الغرق القرب منها يقربنا من النجاة بينما البعد عنها يقذف بنا بعيدا الى اعماق البحر المتلاطم الامواج دون شراع ومجداف وربما قبطان .
اليوم العالمي للتضامن كان تاريخيا عبر محطات كثيرة يتسم بالكثير من الاهتمام على مستوى الشعوب والحركات والاحزاب والفعاليات كونه بالاساس يوم مغزاه وجوهره حركة التحرر الوطني التي تعكس معاناة الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال وهو ما اصبح باهتا للاسف رغم استمرار حالة التحرر الوطني من حيث المضمون ثم ايضا استخدام المصطلحات والخطاب الرصين الموحد وحالة العنفوان التي مثلتها منظمة التحرير الفلسطينية التي مدت الجسور مع الشعوب والقوى التي ساندت حقوق شعبنا المشروعة طوال الوقت وهي تتعلق بالمفردات ولغة التنظير والحديث التي اصبحت بحاجة للكثير من التدقيق برأيي وهو ما يستدعي تصحيح اسس الخطاب الفلسطيني على المستوى العالمي دون تلعثم او اجتهاد فردي او انماط كلاسيكية، وانما على اساس سياسي تحدده قواعد العمل الفلسطيني، وبرنامج الاجماع الوطني، وادوات العمل من اجل انتزاع زمام المبادرة من جديد للهجوم، وليس البقاء اسرى ردود الفعل رغم شح الامكانات وضعفها علينا تحديد خياراتنا، وتعريف مشروعنا الوطني بشكل واضح اذ لا يجوز بعد هذه العقود الطويلة ان نتراجع او نراوح في ذات المكان في احسن الاحوال .
هي مرحلة بالغة الدقة والصعوبة كما يتفق الجميع، والثمن يدفع من خزينة الحقوق والثوابت الوطنية وهو ما يتطلب العمل من اجل معالجات جدية تعيد الالق، والوهج للنضال الوطني المشروع، وتحديد الاولويات من جديد في برنامج وطني كفاحي يستند للبعد الشعبي رديفا اساسا لا مفر منه ولا غنى عنه للعمل السياسي وكلاهما خطان في غاية الاهمية في اعادة القضية لحيزها الدولي رغم الحالة المعقدة والمتغيرات التي يشهدها المحيط حولنا والعالم، وجعل المقاومة الشعبية نظام حياة يومي لمواجهة الخطر الداهم الذي وصل بيوتنا ومزارعنا وشوارعنا استعادة البعد الشعبي ضمن مناخ تتوفر فيه شروط الحد الادنى لممارسة العمل هي ليست امنيات تساق في اطار صف عدة سطور في مقال كلام يذهب ادراج الرياح، وانما هذا هو عماد وجودنا حتى (لا تتكرر النكبة مرتين) لن يبقى لنا شيء ولا رهان الا على ذاتنا بالرغم من كل ما ينتاب هذه الحالة والجسد المثخن من هزل وضعف، وتشتت – ليست رغبات واحلام، وانما علينا تحويلها لواقع حياة يومية نمط لعادات نمارسها في مواجهة الواقع، ورفضه ورفض التعايش معه اليوم بات من الملح بل الاكثر الحاحا العمل على بناء جبهة دولية واسعة تستعيد حركة التضامن الدولي فيها دورها كما السابق في تقديم الدعم للشعب الفلسطيني، وحقه المشروع لماذا لا يتم المطالبة والدعوة والتحرك والحالة هذه لاعادة العمل بالقرار الذي يربط الصهيونية بالعنصرية بوصفها تعبير صارخ لاكثر اشكال العنصرية تطرفا، والتي يلفظها العالم كجزء من معركة دولية نخوضها من اجل اعادة القضية للامم المتحدة، وهيئاتها امام كل ما يجري من ممارسات استيطان استعماري وحملات تطهير عرقي، وحرب ابادة يومية وجرائم حرب من قبل دولة الاحتلال والعمل ايضا بذات الاتجاه من اجل فرض المقاطعة والعقوبات، وسحب الاستثمارات من دولة الاحتلال بموازاة القنوات القانونية بتفعيل المحكمة الجنائية الدولية تمهيدا لجبر الضرر الذي وقع على الشعب الفلسطيني، ومحاولة انصافه امام ما تعرض له طوال عقود من جرائم لاعطاء بريق امل بامكانية احقاق الحق، وانصاف الضحية، وتصحيح الظلم الواقع عليه من خلال محاكمة المجرمين .
هي ورشة عمل مطلوب بدء الشروع فيها ربما تختلط الكثير من المعطيات لكن يبقى السؤال الاساس من اين نبدأ ؟ وكيف نمضي؟ ولكن ايضا طرف الخيط والسكة واضحة تتمثل في اخذ موقف جاد يلقى الترحاب وينتظره الشعب في كل اماكن تواجده هم يريدوا اعادة تهشيم الهوية والوجود والوعي، وعلينا العمل بالمقابل اليوم على ثلاثة حقوق دون تغيير البرنامج اولا دولة مستقلة على جميع الاراضي المحتلة العام 1967 وعاصمتها القدس ثابتا لا تنازل عنه باي حال من الاحوال يمثل الحد الادنى لما يمكن القبول به عودة اللاجئين لديارهم وفق القرار 194 ثانيا مساواة كاملة للاقلية القومية لشعبنا في الداخل مناطق 48 يجمعها كلها حق تقرير المصير وفق قرارات الشرعية الدولية باعتباره حق غير قابل للتصرف هذا برنامج لا خلاف عليه، ولا تباين ازاء امكانية العمل عليه من الجميع يمثل جدول اعمال المجلس المركزي القريب، ويحظى ايضا بقسط وافر من النقاش يخصص لاستخلاص العبر من سنوات الانقسام البغيض، واخذ القرارات الفاعلة لمعالجة اثاره بالوصول لقرار جدي على صعيد المصالحة، واعادة بناء مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية التي تقود النضال الوطني ويلتف الجميع تحت مظلتها اذ لا يمكن دون قرارات جراحية معالجة الالم، وبقاء المعاناة من شأنه تطور الحالة للاسوء ايقاف النزيف نصف الحل قبل العلاج .
ولا يمكن في الوقت الذي يزداد فيه التضامن داخل الولايات المتحدة، وتنمو حركات كثيرة ومؤسسات واحزاب تساند حقوق شعبنا مسيرات وانشطة مختلفة معارض، وعرائض وحملات تضامن واسعة وبرقيات مساندة في ارجاء الكون وبعدها كيف لنا ان نخذل هؤلاء ولا نوفر لهم موقفا واضحا على الاقل ينسجم مع اسس العدالة الدولية، ومنظومة حقوق الانسان والقانون الدولي والدولي الانساني وفي ذات الوقت الذي تسعى دولة الاحتلال بكل الطرق لجذب المزيد من المؤيدين، وبناء التحالفات مع القريب ومع البعيد في سبيل هدف واحد وهو انهاء القضية الوطنية للشعب الفلسطيني، وترسيخ وجودها(كحالة طبيعية) في المنطقة على حساب مقدرات وخيرات شعوبها كل هذا رغم تأثيره لكنها تدرك انه زائف مؤقت لا يحمل صفة الاستدامة ما لم يقر، ويتم التسليم به هنا في فلسطين اساس المشكلة ولب الصراع ان كان هناك فرصة لحل يجب ان يبدأ من هنا، وان كان ثمة استقرار او امن لاحد فهو يجب ان يعاش هنا المنظومة الدولية برمتها اليوم امام اختبار والعدالة والسلم وحقوق الانسان امام سؤال جدي ومصيري من يوقف هذا التمادي والغطرسة، ويعيد الامور الى نصابها ليحل السلام المنشود اليس من حقنا وطن !! كبقية شعوب الارض اما ان الاوان لهذا الظلم المخيم على فضاءنا ان ينتهي الى الابد وهذه الغيوم السوداء ان تنجلي !!!